الخميس، 30 أغسطس 2012

أين الوكيل؟


البارحة نشرت صحفنا المحلية خبر المواطن الاماراتي الذي تعرض مثبت السرعة في سيارته لعطل وهو على شارع الامارات ويقود بسرعة 120 كم/س ولولا جهود رجال الشرطة وحسن تصرفه لحدث ما لا يحمد عقباه، وقد طلبت وزارة الاقتصاد تقريراً فنياً من شركة الفطيم للسيارات الوكيل (الحصري) في الدولة لسيارات تويوتا حول هذا الخلل وقالت انها ستطلب من الوكالة المحلية تنفيذ حملة استدعاء عاجلة لموديل تلك السيارة في حالة ثبوت وجود العيب التصنيعي.

وقد أكد المواطن الاماراتي أنه سيقاضي الوكيل المحلي بسبب العطل الذي تعرض له لدى الجهات المختصة وسيطلب فحص السيارة وإجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة السبب الرئيس لتعطل مثبت السرعة، ومعرفة عدد المركبات التي تعاني المشكلة نفسها حتى لا يتكرر الموقف مع أحد السائقين، واتمنى من صميم قلبي أن يقوم الاخ بمطالبة الشركة بتعويض ضخم حيث أن هذا الموقف لو حصل مع أحد المواطنين في الولايات المتحدة لقامت الدنيا ولم تقعد ولوصل الامر الى الكونجرس ولم تنهيه حتى دموع رئيس شركة تويوتا التي صبها امام اعضائه.

والفت نظر القارئ الكريم أن هذه الحادثة تعد الثانية من نوعها في الدولة حيث نشرت الصحف يوم (الاحد 26/2/2012) خبرا عن قيام مرور أبوظبي بانقاذ حياة مواطن بعد تعطل مثبت السرعة في مركبته (ذات الدفع الرباعي) مما أدى إلى فقدانه السيطرة عليها، وشكل خطراً بالغاً على مستخدمي الطريق.

واعتقد هنا أن من حقنا ان نتساءل عن دور الوكيل المحلي للسيارة منذ اكتشاف الحادثة الاولى في شهر فبراير الماضي مع ملاحظة وجود حالة مشابهة تم تسجيلها في المملكة العربية السعودية في نفس الفترة تقريبا وعن الدراسات والتحليلات التي قام بها وبالتنسيق مع الشركة الام للتأكد من حالة هذا العيب التصنيعي ومدى انتشاره في طراز هذه السيارة والطرازات الاخرى، وعن الاجراءات التي سيتخذها لفحص السيارات المباعة للتأكد من كفاءة نظام مثبت السرعة وسلامته وعلى الاقل بالأليات التي سيتبعها لتوعية العملاء بالإجراءات الواجب اتباعها في حال تعرضهم لحالات مماثلة.

ما اراه ان الوكيل المحلي (نايم في العسل) وفالح فقط في شفط النقود من جيوب المستهلكين وأنه لولا الضغط الحكومي عليه هذه المرة لعمل تقرير فني لاستمر في اداء اعماله على الوجه المعتاد (وخلي يولي) في حين نلاحظ أن في الدول الغربية يبادر الوكيل المحلي بسحب الشركة الام وجعلها في الواجهة والضغط عليها للقيام بجميع الاجراءات اللازمة فور اكتشاف اي عيب تصنيعي والقيام بعمليات الاستبدال والصيانة ولو كلف ذلك مليارات الدولارات وذلك خوفا من القضايا القانونية وما قد تسفر عنه من تعويضات مالية هائلة والاهم خسارة ثقة المستهلك وبالتالي تراجع المبيعات.

من حقنا ان نتساءل عن دور الوكلاء المحليين في المنظومة الاقتصادية والتي تقوم التشريعات والقوانين الحالية في الدولة بحمايتهم من المنافسة اذا كان ينتظرون التعليمات من الوزارات والهيئات المحلية للبت في العيوب التصنيعية. هل يعي الوكلاء المحليون ما لهم وما عليهم؟ ام انهم يعون ما لهم فقط.

من ناحية أخرى يجب على الجهات القانونية والاقتصادية بالدولة ندب خبراء متخصصين لبحث مثل هذه الحالات حسب طبيعة المنتج للحصول على وجهة نظر محايدة وتبيان مدى كونها عيوب تصنيعية بدلا من الالتجاء الى الوكيل المحلي والشركة الام وطلب رأيهم وتقريرهم، فماذا نعتقد سيكون ردهم وكلنا يعلم أن الارباح في نهاية المطاف هي كل ما يهمهم وانهم سينكرون بالتأكيد العيوب التصنيعية ويعتبرونها حالات فردية.  

أتمنى ان تستثمر مثل هذه الحوادث من قبلنا بالشكل الامثل من خلال الضغط على الوكلاء المحليين ومن خلفهم الشركات الام للتحقيق في مثل هذه الحوادث بشكل تفصيلي ودقيق وعدم اهمال الموضوع أو نسيانه، حيث يجب على الجهات القضائية والاقتصادية بالدولة اتخاذ جميع الاجراءات القانونية ضد هذه الشركات والزامهم بإصلاح العيوب التصنيعية وعقابهم في حالة المماطلة وعدم الالتزام اسوة بما يحدث في الدول الغربية ولنبرهن لهم ان دمنا ليس هدرا ولسنا فقط نوط يمشي على قدمين.

الخميس، 16 أغسطس 2012

رعاية العمل التطوعي


نشرت صحفنا المحلية في الفترة الماضية خبر أطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله مبادرة "للخير سباقون" وهي مبادرة خيرية رمضانية سنوية موجهة لموظفي حكومة دبي تفتتح دورتها الاولى هذا العام بحملة لبناء مسجد في امارة دبي. وتهدف المبادرة إلى تكريس مبدأ المسؤولية الاجتماعية في العمل الحكومي، وتعزيز أواصر الشراكة والترابط بين موظفي حكومة دبي، ونشر ثقافة العمل التطوعي الخيري في أروقة العمل الحكومي، والتأكيد على موقع حكومة دبي الريادي على صعيد الأعمال الخيرية والتطوعية.

وقد سبق لي في مقال ماض ان بينت ان هناك ضعف شديد لدى الدوائر الحكومية في وضع استراتيجية واضحة المعالم للمسؤولية المجتمعية فمعظم المبادرات التي تقوم بها هذه المؤسسات لحظية وغير مستدامة ولا تنبع من خطة واضحة متوافقة مع الخطة الاستراتيجية للجهة الحكومية، وبالتالي فإن المعيار 8 لنموذج التميز الاوروبي (نتائج المجتمع) يسجل في الغالب اضعف الدرجات عند تقييم هذه الدوائر ضمن برامج التميز الحكومي.

وما اود التحدث عنه في هذا المقال هو غياب المؤسسات الرسمية في الدولة التي تستهدف العمل التطوعي للأفراد، فلا  توجد حسب معرفتي أية جهة (رسمية) تتبنى مجموعة من المبادرات والمشاريع وتسعى لاستقطاب فئات المجتمع وبشكل تطوعي مما يعود أثره على الفرد والمجتمع في نفس الوقت، فالعمل التطوعي اصبح ركيزة اساسية في بناء المجتمع وآلية لتعزيز انتماء الافراد في مجتمعهم ودفعهم لأخذ زمام المبادرة من خلال المساهمة في حل المشاكل التي يعاني منها المجتمع بشكل عملي وواقعي بدل الجلوس والانتقاد السلبي.

وقد رأينا الاقبال الواسع من الجمهور على الانخراط في حملة تنظيف البر التي اطلقها سمو الشيخ عبدالله بن زايد قبل عدة أشهر وكان الحال كذلك عندما اطلق مجموعة من الشباب حملة لتنظيف شارع شاطئ الجميرا بعد احتفالات العيد الوطني الاربعين مما يدل على رغبة الجمهور في الانخراط في الاعمال التطوعية التي تخدم المجتمع، وأنا (شخصيا)  على معرفة بمجموعة كبيرة من أفراد المجتمع التي تود المشاركة في الاعمال التطوعية من صميم قلبها ولوجه الله سبحانه ولكن (ما يدرون كيف يطوعون؟)

فمثلا يمكن لهذه الجهة (متى تم انشاؤها) التواصل مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وجعل مشاركة الطلاب في الاعمال التطوعية لعدد معين من الساعات جزء من منظومة النشاط المدرسي والجامعي ويتم مكافأة الطلاب عليه، كذلك يمكن لهذه الجهة التواصل مع هيئات الموارد البشرية بالدولة و العمل على اطلاق ما يعرف بإجازة تطوع حيث يتم منح الموظفين اجازة لعدد معين من الايام بالسنة بشرط ان تستثمر في العمل التطوعي، وهذا ما تقوم به مجموعة كبيرة من الشركات الاوروبية المتميزة في مجال المسؤولية المجتمعية كما رأيت بنفسي اثناء زيارات المقارنات المعيارية التي قمت بها.

نحن بحاجة أن تقوم مؤسسات الدولة المجتمعية مثل نور دبي ودبي العطاء والهلال الاحمر بالانتقال من التركيز على تلقي الهبات المادية فقط الى التركيز على اشراك جميع فئات المجتمع بشكل فعال في الانشطة والمبادرات التي يقومون بها، فيجب أن توجه اعلاناتهم ليس فقط على تلقي الاعانات المالية بل ايضا على فتح الباب لمن يرغب من الجمهور للمساهمة في تنفيذ الاعمال الخيرية والتطوعية فما المانع أن يسافر مجموعة من طلاب المدارس الى فلسطين للمساهمة في توزيع المعونات الغذائية وما المانع أن يسافر مجموعة من موظفي الحكومة الى أفريقيا لتعليم الاطفال وما المانع أن يقوم مجموعة من الشباب برعاية كبار السن في منازلهم وغيرها...

نحن بحاجة الى غرس وتفعيل مفهوم العمل التطوعي في المجتمع أسوة بالمجتمعات المتقدمة وتماشيا مع الآية الكريمة { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}  (المائدة: الآية48).






الخميس، 9 أغسطس 2012

انديتنا الرياضية والتميز


تصوروا مستشار قانوني في القرن الواحد والعشرين وفي عصر الربيع العربي يطالب بمعاقبة الصحفيين الذين يقومون بنشر اخبار مغلوطة عن (نادي كرة قدم).

هذا الخبر الذي نشر في جرائدنا المحلية الاسبوع الماضي دفعني لأن أعدل المقال الذي كنت قد بدأت في كتابته لهذا الاسبوع، فالموضوع يعد فعلا كارثة اذا كان مستشار قانوني في احدى انديتنا الكبرى في الدولة يتحدث بهذه الطريقة والذي ارجوا ان يكون فرديا وليس باسم مجلس ادارة النادي الذي يمثله.

فأنا لست كاتبا رياضيا وبصراحة قلما اتابع بطولاتنا المحلية والتي من أبسط احتكاك يسقط اللاعب على الأرض ويتم استدعاء الجهاز الطبي وتتوقف المباراة وأكاد أجزم ان أكثر أن طبيب الفريق المسكين يقوم بالجري أكثر من جميع اللاعبين، والسؤال هو  لم لا يحدث هذا في ابسط مباريات الدوريات الاوروبية فسقوط اللاعب ودخول الطبيب يعني في الغالب ان اللاعب سيتم تغييره حيث ان الاصابة تكون واقعية وشديدة وبشكل لا يستطيع معها تكملة المباراة.

ما دفعني للكتابة حول انديتنا الرياضية والكوادر التي تعمل بها هو احساسي انها سقطت من منظومة التطور الاداري بالدولة، فمؤسساتنا المحلية الحكومية تتبع ارقى انظمة التخطيط الاستراتيجي والتميز فتضع خطط استراتيجية تحقق النمو وتنوع في مصادر الدخل وتطور الخدمات والعمليات بشكل مستمر لرفع مستوى رضا المتعاملين وتتبع سياسات مالية صارمة للحد من هدر الاموال وبالتالي تحصد جوائز التفوق والتميز من جهات عالمية مرموقة جعلتنا في صدارة العديد من القطاعات فلماذا يغرد القطاع الرياضي خارج هذا السرب؟  ولماذا انديتنا محلك سر ولم نسمع في يوم ان أي منهم قد حصل على جائزة لتميزه وتفوقه على الرغم من الدعم المادي والمعنوي اللامحدود من قبل القيادة في الدولة.

فنموذج التميز الاوروبي مثلا الذي تقوم جميع مؤسساتنا المحلية والاتحادية تقريبا بتطبيقه ويتم تقييمها عليه من قبل الحكومات المحلية والاتحادية غائب تماما عن القطاع الرياضي ولم نسمع ان مظلة هذه الجوائز قد اتسعت لتشمل الاندية الرياضية التي تتبع الحكومة، بل الابسط اني لم أسمع أن ناد قد تمكن من الحصول على شهادة الايزو 9001 حتى الان على الرغم من أن المصبغة والمطعم الذي اتعامل معهما قد حصلا عليها.

فمن الواضح لأي متتبع للقطاع الرياضي غياب الخطة الاستراتيجية للأندية والمبنية على احتياجات المتعاملين ونتائج الاداء الداخلي كما ينص نموذج التميز والتي يتم من خلالها توضيح الاهداف الاستراتيجية والمبادرات التي ستقوم بتنفيذها للوصول اليها، فهل سمعتم ان ناد حدد أن يكون 10 من لاعبيه في المنتخبات الوطنية بحلول عام 2020 مثلا؟ وهل سمعتم أن ناد قرر ان يركز موارده المالية على لعبتين فقط بهدف ان يكون في الريادة قاريا بحلول عام 2020؟ وهل سمعتم أن ناد قرر أن يركز موارده المالية على قطاع الناشئين بحيث يكون المصدر الاساسي للاعبين المواطنين بحلول عام 2020؟ بل السؤال الابسط هل سمعتم عن ناد له رؤية ورسالة واهداف استراتيجية واضحة شأن جميع مؤسسات الدولة؟  

فأين التخطيط الاستراتيجي وكلما جاءت ادارة قامت بشطب كل المبادرات التي اتخذتها الادارة السابقة من المدرب الى اللاعبين وحتى (الشعار)، وأين التركيز على المتعاملين وما زال الجمهور المخلص يجلس على كراسي بالية ومغبرة ولا يجد حتى كوب ماء ليشربه او سندويشه يأكلها فضلا عن الحالة المأساوية للمرافق الصحية، وأين الالتزام بالسياسة المالية في ناد يضحك عليه سمسار ويدفعه  للتعاقد مع لاعبين (اجانب) بمبالغ خيالية ثم يكتشف عدم كفاءتهم فيقرر الاستغناء عنهم ودفع الشروط الجزائية الضخمة وأين تطوير المواطنين ولاعب (المنتخب) المواطن يجلس على كرسي الاحتياط بسبب شغل مركزه بأجنبي وأين وأين وأين......

يجب أن تقوم  الهيئة العامة للشباب والرياضة ومجالس الرياضة المحلية بوضع خطط استراتيجية لتحويل انديتنا الرياضية من مؤسسات تعمل بأساليب القرن الماضي الى  مؤسسات تعمل بأساليب علمية حديثة وعلى أعلى المستويات في مواكبة للتطور المؤسساتي في الدولة فمتى نجد ريال مدريد وبرشلونة محليين؟

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

كم جزءً حفظت؟


أبارك لكم هذه الايام المباركة لشهر رمضان المبارك سائلا الله تعالى ان يتقبل طاعاتكم وعباداتكم وأعود اليكم بعد فترة انقطاع بسبب الاجازة السنوية وضغوط العمل اليومية.  

تماشيا مع هذه الاجواء المباركة سأغير اسلوبي قليلا في هذا المقال حيث تدور في رأسي منذ سنوات فكرة أن اقوم بعمل دراسة حول الاسلام ونظم الجودة، فالله تعالى قال في كتابه الكريم (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فاذا كانت نظم الجودة مبنية على حقائق عقلية ومنطقية حول اتقان العمل وتحسينه بشكل مستمر وتقديم قيمة مضافة للمتعاملين فاحسب ان هذه الحقائق لم تكن غائبة عن الاسلام او عن نبيه (عليه الصلاة والسلام).

فقوله المشهور (ص) "أن الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه" يتماشى مع تعريف الجودة بتجاوز توقعات المتعاملين حيث ان الاتقان هو اداء العمل دون خلل أو تأخير مما يؤدي الى تجاوز تطلعات المتعاملين.

ويتوافق معه قول الامام علي بن أبي طالب (ع): "من تساوى يوماه فهو مغبون ومن كان امسه خيرا من يومه فهو ملعون ومن لم يكن في زيادة فهو في نقيصه ومن كان في نقيصه فالموت خير له من الحياة" والذي يتماشى مع النظم الحديثة للجودة والتي تعنى بالتحسين المستمر.

كذلك نلاحظ أن الاسلام في توجيهاته يتماشى مع مبدأ نظم الجودة المهم في التركيز على الجودة لا الكم (Quality not Quantity) فمثلا يؤثر عن النبي (ص) انه قام الليل كله بآية واحدة ويتماشى معه وقوله (ص):"اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار ولو بشربة ماء" فالمدار في تعاليم الاسلام هي الجودة وليس الكم فرب عبادة قليلة وفاعلة تعطي نتائج خير من عبادة كثيرة وغير فاعلة فشق تمرة يدفعها المسلم بصدق وخلاص نية قد تكون عند الله افضل من جبال.

وهذا المبدأ اصبح للأسف غائب تماما عن واقعنا كمسلمين في هذا الشهر الكريم فجل التركيز عندنا على الكم لا الكيف فمثلا (اذا حفظت ثلاثة اجزاء من القران بشتريلك هدية) هذه الجملة يستعملها معظم الاباء لكي يحفزوا ابناءهم على قراءة وحفظ القران الكريم في هذا الشهر ولكن كم واحد منا يقول لابنه (اذا حفظت ربع جزء تجويدا وتفسيرا بشتريلك هدية)؟ فكم من حافظ للقران الكريم ويختمه مرتين وثلاثة في هذا الشهر ولكنه يغتاب هذا ويأكل مال ذاك ويدخل في المعاملات الربوية فأين تطبيق ما يحفظه والامر كذلك في عمرة رمضان الذي اعرف احد الاشخاص لم يتركها منذ 15 عاما ولكن اخلاقه.....الله يهديه.

هذا من ناحية دينية واجتماعية والامر نفسه يمتد الى مؤسساتنا فمثلا كل مؤشرات الاداء التي تقاس بشكل دوري تركز على الكم (عدد) لا الجودة (عدد المواطنين، عدد الساعات التدريبية، عدد المعاملات المنجزة، عدد المبادرات المجتمعية، عدد المبادرات المنجزة....) أما تلك التي تركز على الجودة مثل (نسبة الخطأ في المعاملات المنجزة، العائد على الاستثمار، الانتاجية....) فنادرا ما يتم قياسها.

 والكثير من المؤسسات الحكومية تعتقد ان كثرة الشهادات والجوائز تؤثر على فرق التقييم للجوائز الحكومية فتضع في اولوياتها ان يخرج السيد المدير في الصحف كل فترة وهو يتلقى جائزة او يستلم شهادة حتى ولو لم يكن هناك منافسون اصلا او كانت طريقة الترشيح والتقييم (مصخرة). ولكن عند التقييم تتفاجأ ان هذه الجوائز والشهادات لا تؤخذ في الاعتبار وانها رغم حصولها على كم منها (طلعت في حفل التوزيع صفر)
خلاصة الكلام ان ديننا الاسلامي الحنيف منذ ما يزيد عن 1400 عام قد وضع لنا جميع السبل اتي تكفل تقدم الامة الاسلامية وريادتها على جميع الامم الاخرى (كنتم خير أمة اخرجت للناس) ومن ضمنها انظمة الجودة والتميز ولكن ابتعاد المسلمين عن الاخذ بهذه التعاليم هو ما اوصل هذه الامة الى ما هي عليه من جهل وتخلف وأن التركيز على عامل الجودة لا الكم هو حجر الزاوية  في تطوير حياتنا الدينية والاجتماعية والادارية فمتى نقول لأبنائنا (كم جزء فهمت؟) بدل (كم جزء حفظت؟).  

الخميس، 28 يونيو 2012

قيادة التميز

حضر مديرو التميز في الجهات الاتحادية الاسبوع الماضي ورشة عمل حول المعايير المعدلة لجائزة الامارات للأداء الحكومي المتميز حيث اصبح التقديم لبعض الفئات اجباريا بعد أن كان اختياريا وتم استحداث فئة جديدة كما تم تعديل بعض المعايير الفرعية في الفئة الرئيسية لتتوافق مع المبادرات الاخرى التي يتبناها مكتب رئاسة مجلس الوزراء والتي تهدف الى التحسين والتطوير المستمر في اداء الوزارات والهيئات الاتحادية.

وكعادته في كل ورشة عمل كان لابد للسيد مستشار الجائزة ان يذكرهم بالنقطة إياها (ما في مستشارين والا تلغى المشاركة) ثم يلتفت يمينا ويسارا ويقول وابتسامة كبيرة على وجهه (ما في منهجيات تشترى في كتب).

 وبصراحة أنا اؤيده في تذكيره هذا فمجموعة من قيادات الجهات الحكومية تصر على البحث في كل دورة عمن يمكنه ازاحة هم تقديم تقارير الترشيح للجائزة عنها إما بالبحث عن (واحد فنان) يمكن اقناعه بالانضمام الى المؤسسة (بعقد خاص) و رمي حمل الجائزة والاعداد لها عليه أو البحث عن استشاري والتعاقد معه بمسميات مختلفة فتارة تحت مسمى التدريب واخرى الدعم والتوجيه وغيرها. المهم لدى فريق القيادة أن يغسل يديه من الموضوع برمته ويتم تقديم طلبات الترشيح للجائزة في الموعد المحدد (وفزنا او ما فزنا مو مشكلة) وعكست التقارير المقدمة حقيقة العمل في المؤسسة أو كانت في واد والمؤسسة في واد وكوبي بيست (بعد مو مشكلة، المهم قدمنا).

وتحصل الكارثة الكبرى لهذه الفئة من القيادات عندما يأتي فريق التقييم للزيارة الميدانية ويصر على الاجتماع بفريق القيادة ولا تنفع سوالف (عندهم اجتماع مهم) و(مسافرين) حيث تبدأ المعركة الكبرى ويبدأ فريق التقييم في رمي سهامه يمينا ويسارا بالاعتماد على طلبات الترشيح المقدمة وتأتي جمل مثل (ذكرتم تحت المعيار الخامس انكم تقومون بعمل كذا وكذا، ممكن نعرف مزيد من التفاصيل؟) ويبدأ فريق القيادة في التعرق ويتم مناداة الفراش لرفع درجة التكييف وتبدأ الاعين في الدوران والتلعثمات و(أشوف وين مكتوب هذا) وفي النهاية يفهم فريق التقييم أن فريق القيادة لم يضع اصبعا في كتابة طلب الترشيح. 

هذه الحالة عايشتها كثيرا في اثناء عملي كمقيم لمختلف الجهات الحكومية بالدولة في جوائز التميز المختلفة، فكيف تتوقع مؤسسة ان تفوز بالجوائز وفريق القيادة ليس لديه وقت حتى لقراءة تقرير الترشيح ووضع ملاحظاته عليه فضلا عن المشاركة في كتابته؟ وكيف تتوقع الفوز وفريق القيادة لا يريد المشاركة في عملية التقييم والاجابة عن الاسئلة؟ فالجهات المتميزة بالدولة تلاحظ بها المساهمة الفعالة والواضحة لفريق القيادة في ادارة ومتابعة مبادرات التحسين من جهة وعملية الترشيح والتقديم من جهة أخرى ولنا في الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد ال نهيان وفريق القيادة بوزارة الداخلية المثل الواضح.   

أن المعيار الاول من نموذج التميز يحدد القيادة كأحد الممكنات الرئيسية للتميز فيريد منها أن تضع الرؤية والرسالة والقيم المؤسسية تضع انظمة العمل وتتابعها وتحرص على الالتقاء بالمتعاملين والشركاء وشرائح المجتمع والموارد البشرية بشكل دوري ومباشر وتقود وتدير عمليات التغيير في المؤسسة بشكل ممنهج ومدروس، وهذا ما يتم تقييمه بشكل رئيسي مع فريق القيادة ولا يمكن لمقيم أن يتجاوزه كما لا يمكن لفريق القيادة أن يتنصل منه.     

المشكلة الثانية إن برامج التميز الحكومي بالدولة تركز في الملتقيات والندوات وورش العمل التي تقيمها على مديري التميز الحكومي في اعتقاد منها أنهم بوابة الوصول الى القيادة العليا وفي الواقع هم آخر من يمكنهم مقابلة اعضاء فرق القيادة وايصال مثل هذه الرسائل فغالبا عازف الحي لا يطرب.

ولذلك يطالب مدراء التميز المؤسسي في كل مناسبة أن تركز هذه البرامج اهتمامها على التواصل الفعال مع فرق القيادة بهدف ضمان مشاركتهم الفعالة من خلال عقد اجتماعات ميدانية مكثفة معهم لمتابعة عمليات التحسين والتطوير وتوفير برامج تدريبية مخصصة لهم مثلا ومتابعة مشاركتهم في عمليات التقييم والترشيح وجعل ذلك جزء رئيسي من مسؤولياتهم ومن مؤشرات الاداء التي يتم تقييمهم عليها.

المطلوب من برامج التميز أن تطور نفسها وتنتقل من التركيز على عملية التقييم والبحث عن المقيمين (وهاي الجائزة حق منو وهاي حق منو؟) الى التركيز على ضمان قيام قيادة المؤسسات بتبني عمليات التحسين والتطوير والمشاركة الفعالة في التطبيق، كذلك المطلوب منها توفير الدعم اللازم لمديري التميز المؤسسي للقيام بعملهم على أكمل وجه من خلال ربطهم بشكل مباشر مثلا بها بحيث يصبح مدير التميز ذراع البرنامج في المؤسسة ويستطيع الوصول الى فريق القيادة بشكل سلس وبالاعتماد على قوة البرنامج وأهميته.

هل يمكن أن يتحقق هذا يوما؟

ملاحظة: سأتوقف لمدة اسبوعين عن كتابة المقالات وذلك لسفري في اجازة سنوية

الخميس، 21 يونيو 2012

القطاع الخاص والمسؤولية المجتمعية


لفت نظري خبر صغير نشر في الصحف عن قيام الهيئة الاتحادية للموارد البشرية بعقد ورشة عمل حول المسؤولية المجتمعية لمنتسبي الدورة الثانية لفئة قيادات المستقبل حيث تم وضع الاطار العام للمشاريع المجتمعية التي سيقوم بها المشاركون.

هذه المبادرة تعد وسيلة ممتازة لتأهيل قادة المستقبل في مؤسساتنا الحكومية للمسؤولية المجتمعية مع ملاحظة أن مؤسساتنا الحكومية موجودة أصلا لخدمة المجتمع ولكن ماذا عن القطاع الخاص بالدولة مثل المصارف والفنادق وشركات التأمين وشركات البناء والمصانع ومتاجر التجزئة وغيرها؟ هل غياب قانون يفرض عليها مثل هذه المسؤولية يعفيها من أية تبعات تجاه المجتمع؟ ماذا عن الارباح السنوية التي تجنيها مثل هذه الشركات الا يجب ان يذهب جزء منها لخدمة المجتمع الذي نتجت منه هذه الارباح؟ لماذا تأخذ الحكومة على عاتقها جميع المشاريع التنموية ولا تصر على اشراك القطاع الخاص بها؟ لماذا ل تقوم شركات القطاع الخاص برعاية مدرسة او مركز ثقافي او مستوصف ام ان هذا ضد مبادئ السوق المفتوح؟

ولكي أزيد من الشعر بيت، فانه يمكن لي ان اؤكد من خلال متابعتي وعملي ضمن فرق التقييم لبعض جوائز التميز الموجهة للقطاع الخاص في الدولة بشكل خاص والمنطقة بشكل عام أن أقل الدرجات التي تحصل عليها المؤسسات المشاركة انما تكون في المعيار 8 من نموذج التميز الاوروبي والذي يعني بنتائج المجتمع ولا تتجاوز 10-25 من 100 الا فيما ندر.

بشكل عام فإن ثقافة العمل الاجتماعي لدى مؤسسات القطاع الخاص في الدولة ضعيفة وترتكز بشكل اساسي على بعض الانشطة الغير منتظمة والبسيطة مثل التبرع بالدم وإعادة تدوير الاوراق واطفاء الانوار عند مغادرة المكاتب وضبط درجة التبريد وغيرها من الانشطة البسيطة التي لا تنبع من خطة واضحة ومحددة للمسؤولية المجتمعية وتهدف الى البعد الاعلامي والتسويقي لا غير، أو ترتكز على توفير دعم مالي وخلاص مثل رعاية بطولة رياضية أو فريق كرة ويجب أن يكون مشهور ومن اندية الدرجة الممتازة وله قاعدة جماهرية كبيرة ومجلس ادارة موقر ومحترم بهدف تحقيق العائد التسويقي والواسطوي من هذه الرعاية، فهل سمعتم عن راع لنادي التعاون مثلا؟

اسمحوا لي هنا أن اضرب لكم بعض الامثلة على المسؤولية المجتمعية الحقيقية كما تعرفت عليها اثناء زيارات المقارنة المعيارية للمؤسسات الاوروبية المتميزة التي كنا نجريها ضمن نشاطات المجموعة الفرعية للمقارنة المعيارية بمجموعة دبي للجودة والتي كنت أترأسها.

فمثلا وضعت احدى الشركات التي قمنا بزيارتها خطة لإعادة تأهيل السجناء في المدينة ومحاولة مدهم بسبل الحياة الكريمة تجنبا لعودتهم الى عالم الجريمة بعد قضاء مدة محكوميتهم، فعمدت الى التعاون مع سلطات سجن المدينة لتدريبهم في ادارات المؤسسة المختلفة ضمن مدة محكوميتهم، وبعد قضاء المدة يتم تعيينهم في الشركة، وقد شاهدت بعيني عربة السجن تأتي صباحا وتقوم بإنزال مجموعة من السجناء للعمل في المؤسسة حيث يعملون جنبا الى جنب مع الموظفين. ولقد نجحت الشركة في تأهيل 70% من السجناء الذين تم تدريبهم حيث ابتعدوا تماما عن عالم الجريمة وقد أكد لي مديرها أنهم لم يجنوا أية ارباح وان هذه المبادرة جزء من مسؤوليتهم المجتمعية ولكن اذا تم تغطيتها من الاعلام بشكل ايجابي فما المانع.

مثال اخر شاهدته في شركة وضعت خطة لبناء مراكز لإيواء المشردين في المدينة، فقد قامت هذه المؤسسة بعمل يوم مفتوح مبهج ضمن الاجازة الاسبوعية للموظفين وعائلاتهم وبمشاركة جميع المدراء في موقع البناء ويكون الحضور بشكل اختياري، حيث تتم عمليات البناء مثل نقل الاسمنت ورص الطابوق في اسلوب ممتع ومبهج ومن خلال عمل المسابقات بين الموظفين وعائلاتهم وباشراف مهندسين متبرعين من المدينة تتم دعوتهم. وقد قامت المؤسسة بعمل ما يقارب من 30 يوم مفتوح سنويا ولمدة 3 سنوات مما ينتج عنه في النهاية انشاء مبنى لايواء المشردين يستوعب حوالي 50 مشرد ويحميهم على الاقل من زمهرير الشتاء.

هذه بعض الامثلة للمسؤولية المجتمعية التي تقوم بها الشركات المتميزة في اوروبا والتي توفر منهجية متكاملة وخطة استراتيجية للمسؤولية المجتمعية ذات أثر ايجابي واضح وقوي على المجتمع في التزام منها بدورها في خدمة المجتمع الذي رفدها بعوامل النجاح المادي والمعنوي.

أن القطاع الخاص بالدولة بعيد تماما كما نرى نحن المواطنين عن المسؤولية المجتمعية التي تصب بشكل اساسي هنا في الدولة لا في كينيا ونيجيريا، نريد من القطاع الخاص أن يتحلى بالمسؤولية المجتمعية ويقوم بدعم القطاعات التعليمية والاجتماعية والثقافية يدا بيد مع الحكومة.

نريد من البنوك أن تخصص جزءا من ارباحها لتوفير منح أو قروض بنسب فائدة متدنية لذوي الدخل المحدود نريد من الفنادق والمنتجعات ان تخصص ايام في السنة تمنح فيها قاعاتها الضخمة لإقامة اعراس جماعية او عمل محاضرات توعوية للمجتمع، نريد من شركات التأمين ان تتبنى المدارس وتحرص على تزويدها بأحدث الاجهزة التعليمية ودعم الطلبة المتفوقين، نريد من شركات البناء أن تخصص جزء من وقتها الثمين لبناء مساكن للمواطنين، نريد من المصانع العزيزة ان تدعم مشاريع الطلبة في الجامعات وتأخذها نحو حيز الانتاج التجاري، نريد ونريد ونريد فهل تسمعنا هذه الشركات؟

سؤال: هل سيقوم القطاع الخاص بذلك من واقع مسؤوليته المجتمعية أم يجب على الحكومة فرض نظام للضرائب عليه بهدف اجباره على دعم المجتمع؟ لا أعرف الرد ولكني اتركه لكم

الخميس، 14 يونيو 2012

من المهد الى اللحد

"الراعي الرسمي ليورو 2012" هكذا ينتهي إعلان شركة هايونداي الراعي الرسمي لبطولة كأس الأمم الأوروبية والتي ستسهر ثلاث أرباع الموظفين وأنا منهم حتى الساعات الأولى من الصباح لمتابعة هذه المباريات.

ما يثير الاستغراب هو تجرأ الشركة على منافسة الوحوش الأوروبية في مجال صناعة السيارات مثل مرسيدس وبي ام دبليو ورينو وفيات وغيرها في معقلها الأوروبي وتطلعها للحصول على حصة من هذا السوق وهذا نسق مجموعة كبيرة من الشركات الكورية مثل سامسونج وLG وسانج يونج وغيرها، فمن كان يتوقع قبل 10 سنوات وفي اوج ازدهار شركة نوكيا وسوني اريكسون وموتورولا أن تأتي شركة من الشرق الاقصى لتستحوذ على سوق أجهزة الهاتف الذكية ولتقف الند بالند لشركة أبل العملاقة واعني بها سامسونج.

السر حسب وجهة نظري الشخصية يكمن في نظام التعليم الكوري فمن خلال بحثي عن نظام التعليم الكوري لاحظت انه يركز على محوريين استراتيجيين، الاول هو التأكيد على تطوير المهارات المعلوماتية لجميع الكوريين بجانب الطلاب والمدرسين مثل كبار السن وربات البيوت اما الثاني فهو الاهتمام بالتعليم مدى الحياة أي بناء المجتمع التعليم المفتوح من خلال توفير التعليم الالكتروني لجميع شرائح المجتمع في المجالات التعليمية والصحية والثقافية وبالتعاون مع المؤسسات الاعلامية الكورية المختلفة.

وأود هنا أن أركز على المحور الثاني حيث أن هناك مشكلة في ثقافة التعلم المستمر لدينا نحن المواطنين، فالتعليم عندنا ينحصر في المدرسة والجامعة وبعد التخرج لا شيء ويتفرغ الواحد منا للعب الكورة وتدخين الشيشة والمغازلة ومقابلة طلبات البيت والغمز واللمز في الناس على الهاتف الساعات الطوال دون تخصيص ادنى وقت للقراءة وتطوير الذات وتعلم الجديد.

فحسب علمي ومتابعتي تشتكي العديد من الجهات الحكومية من ضعف دخول الموظفين على برامج التعليم الالكتروني والتي يتم توفيرها لهم لقاء دفع مبالغ مالية كبيرة للشركات المصممة لها، فنحن لا نصدق متى ينتهي الدوام لنتجمع على جهاز الختم ونهرب كي نلحق على الضرب بالخمس وبعدين غفوة القيلولة لمدة ساعتين!

مكتباتنا العامة كذلك فارغة وتصفر فالحكومة سعت في انشاء المكتبات العامة وتزويدها بأفضل المرجعيات والكتب والدوريات ولم تكتف بذلك بل حاولت الوصول الى المجتمع من خلال توفير فروع لها في الاحياء السكنية لنقرأ ونطور انفسنا لكن اذن من طين واخرى من عجين واقترح هنا أن تقوم المكتبات بفتح مقهى لتقديم الشيشة بها فربما يستقطبونا بهذه الطريقة.

 هل زار احدكم المقاهي الموجودة في المكتبات التجارية الكبرى في الدولة مثل كينوكونيا في دبي مول او مجرودي في سيتي سنتر ولاحظ نوعية وجنسية القارئين؟ أن هذه المقاهي في الدول الاوروبية تعد الاكثر ازدحاما وتجد بها الرجال والنساء والاطفال ومن مختلف فئات المجتمع، فما هو الحال عندنا؟ هل يعرف المواطنون اصلا توفر مثل هذه المقاهي في دبي مول ام أن ارماني كافيه هو الاكثر اثارة.

البرامج والمحاضرات التدريبية التي تقيمها بعض الجمعيات والجهات الخدمية في الدولة وبالمجان تثير شجوننا كمنظمين، ففي احيان كثيرة نقوم بجلب محاضرين على مستوى جيد ونطرح مواضيع تهم الموظفين واصحاب الاعمال في مجال الجودة والتميز لنتفاجأ أن معظم الحضور من الجاليات الاخرى التي تقيم بالدولة وأن عدد المواطنين لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة.

أن المؤسسات الاعلامية الكورية تلعب دورا محوريا في تعزيز ثقافة التعلم المستمر من خلال توفير البرامج الثقافية التي تعني بتطوير الذات ومحو الامية التكنولوجية عن طريق عمل برامج اذاعية وتلفزيونية هادفة ولكن مؤسساتنا الاعلامية مشغولة ببرامج السخافات الفنية والهشك بشك، فهل سمعتم يوما عن برنامج يركز على تعليم المهارات الحياتية مثل البرمجة اللغوية العصبية أو فن ادارة الوقت أو فنون الحوار والمناقشة والمفاوضة ؟ هل هناك أي برنامج لتعليم لغة برمجة برامج الايباد؟

أن نموذج التميز ينص بشكل صريح على أنا مدخلات التحسن والتطور المستمرين للفرد والمؤسسة لا تتجاوز عاملي القياس والتعلم ولقد حضنا نبينا الكريم (ص) على أن لا نتوقف عن التعلم ابدا في عصر كان التطور فيه بطيئا فما بالك بعصرنا الحديث الذي يعتبر التطور السريع من أبرز سماته، فمتى سنرى مواطن ينتظر دوره في دائرة حكومية ويقرأ كتاب؟ ومتى نرى مواطن يشيش ويقرأ كتاب ويطور مهاراته ومعارفه باستمرار؟