الخميس، 30 أغسطس 2012

أين الوكيل؟


البارحة نشرت صحفنا المحلية خبر المواطن الاماراتي الذي تعرض مثبت السرعة في سيارته لعطل وهو على شارع الامارات ويقود بسرعة 120 كم/س ولولا جهود رجال الشرطة وحسن تصرفه لحدث ما لا يحمد عقباه، وقد طلبت وزارة الاقتصاد تقريراً فنياً من شركة الفطيم للسيارات الوكيل (الحصري) في الدولة لسيارات تويوتا حول هذا الخلل وقالت انها ستطلب من الوكالة المحلية تنفيذ حملة استدعاء عاجلة لموديل تلك السيارة في حالة ثبوت وجود العيب التصنيعي.

وقد أكد المواطن الاماراتي أنه سيقاضي الوكيل المحلي بسبب العطل الذي تعرض له لدى الجهات المختصة وسيطلب فحص السيارة وإجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة السبب الرئيس لتعطل مثبت السرعة، ومعرفة عدد المركبات التي تعاني المشكلة نفسها حتى لا يتكرر الموقف مع أحد السائقين، واتمنى من صميم قلبي أن يقوم الاخ بمطالبة الشركة بتعويض ضخم حيث أن هذا الموقف لو حصل مع أحد المواطنين في الولايات المتحدة لقامت الدنيا ولم تقعد ولوصل الامر الى الكونجرس ولم تنهيه حتى دموع رئيس شركة تويوتا التي صبها امام اعضائه.

والفت نظر القارئ الكريم أن هذه الحادثة تعد الثانية من نوعها في الدولة حيث نشرت الصحف يوم (الاحد 26/2/2012) خبرا عن قيام مرور أبوظبي بانقاذ حياة مواطن بعد تعطل مثبت السرعة في مركبته (ذات الدفع الرباعي) مما أدى إلى فقدانه السيطرة عليها، وشكل خطراً بالغاً على مستخدمي الطريق.

واعتقد هنا أن من حقنا ان نتساءل عن دور الوكيل المحلي للسيارة منذ اكتشاف الحادثة الاولى في شهر فبراير الماضي مع ملاحظة وجود حالة مشابهة تم تسجيلها في المملكة العربية السعودية في نفس الفترة تقريبا وعن الدراسات والتحليلات التي قام بها وبالتنسيق مع الشركة الام للتأكد من حالة هذا العيب التصنيعي ومدى انتشاره في طراز هذه السيارة والطرازات الاخرى، وعن الاجراءات التي سيتخذها لفحص السيارات المباعة للتأكد من كفاءة نظام مثبت السرعة وسلامته وعلى الاقل بالأليات التي سيتبعها لتوعية العملاء بالإجراءات الواجب اتباعها في حال تعرضهم لحالات مماثلة.

ما اراه ان الوكيل المحلي (نايم في العسل) وفالح فقط في شفط النقود من جيوب المستهلكين وأنه لولا الضغط الحكومي عليه هذه المرة لعمل تقرير فني لاستمر في اداء اعماله على الوجه المعتاد (وخلي يولي) في حين نلاحظ أن في الدول الغربية يبادر الوكيل المحلي بسحب الشركة الام وجعلها في الواجهة والضغط عليها للقيام بجميع الاجراءات اللازمة فور اكتشاف اي عيب تصنيعي والقيام بعمليات الاستبدال والصيانة ولو كلف ذلك مليارات الدولارات وذلك خوفا من القضايا القانونية وما قد تسفر عنه من تعويضات مالية هائلة والاهم خسارة ثقة المستهلك وبالتالي تراجع المبيعات.

من حقنا ان نتساءل عن دور الوكلاء المحليين في المنظومة الاقتصادية والتي تقوم التشريعات والقوانين الحالية في الدولة بحمايتهم من المنافسة اذا كان ينتظرون التعليمات من الوزارات والهيئات المحلية للبت في العيوب التصنيعية. هل يعي الوكلاء المحليون ما لهم وما عليهم؟ ام انهم يعون ما لهم فقط.

من ناحية أخرى يجب على الجهات القانونية والاقتصادية بالدولة ندب خبراء متخصصين لبحث مثل هذه الحالات حسب طبيعة المنتج للحصول على وجهة نظر محايدة وتبيان مدى كونها عيوب تصنيعية بدلا من الالتجاء الى الوكيل المحلي والشركة الام وطلب رأيهم وتقريرهم، فماذا نعتقد سيكون ردهم وكلنا يعلم أن الارباح في نهاية المطاف هي كل ما يهمهم وانهم سينكرون بالتأكيد العيوب التصنيعية ويعتبرونها حالات فردية.  

أتمنى ان تستثمر مثل هذه الحوادث من قبلنا بالشكل الامثل من خلال الضغط على الوكلاء المحليين ومن خلفهم الشركات الام للتحقيق في مثل هذه الحوادث بشكل تفصيلي ودقيق وعدم اهمال الموضوع أو نسيانه، حيث يجب على الجهات القضائية والاقتصادية بالدولة اتخاذ جميع الاجراءات القانونية ضد هذه الشركات والزامهم بإصلاح العيوب التصنيعية وعقابهم في حالة المماطلة وعدم الالتزام اسوة بما يحدث في الدول الغربية ولنبرهن لهم ان دمنا ليس هدرا ولسنا فقط نوط يمشي على قدمين.

الخميس، 16 أغسطس 2012

رعاية العمل التطوعي


نشرت صحفنا المحلية في الفترة الماضية خبر أطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله مبادرة "للخير سباقون" وهي مبادرة خيرية رمضانية سنوية موجهة لموظفي حكومة دبي تفتتح دورتها الاولى هذا العام بحملة لبناء مسجد في امارة دبي. وتهدف المبادرة إلى تكريس مبدأ المسؤولية الاجتماعية في العمل الحكومي، وتعزيز أواصر الشراكة والترابط بين موظفي حكومة دبي، ونشر ثقافة العمل التطوعي الخيري في أروقة العمل الحكومي، والتأكيد على موقع حكومة دبي الريادي على صعيد الأعمال الخيرية والتطوعية.

وقد سبق لي في مقال ماض ان بينت ان هناك ضعف شديد لدى الدوائر الحكومية في وضع استراتيجية واضحة المعالم للمسؤولية المجتمعية فمعظم المبادرات التي تقوم بها هذه المؤسسات لحظية وغير مستدامة ولا تنبع من خطة واضحة متوافقة مع الخطة الاستراتيجية للجهة الحكومية، وبالتالي فإن المعيار 8 لنموذج التميز الاوروبي (نتائج المجتمع) يسجل في الغالب اضعف الدرجات عند تقييم هذه الدوائر ضمن برامج التميز الحكومي.

وما اود التحدث عنه في هذا المقال هو غياب المؤسسات الرسمية في الدولة التي تستهدف العمل التطوعي للأفراد، فلا  توجد حسب معرفتي أية جهة (رسمية) تتبنى مجموعة من المبادرات والمشاريع وتسعى لاستقطاب فئات المجتمع وبشكل تطوعي مما يعود أثره على الفرد والمجتمع في نفس الوقت، فالعمل التطوعي اصبح ركيزة اساسية في بناء المجتمع وآلية لتعزيز انتماء الافراد في مجتمعهم ودفعهم لأخذ زمام المبادرة من خلال المساهمة في حل المشاكل التي يعاني منها المجتمع بشكل عملي وواقعي بدل الجلوس والانتقاد السلبي.

وقد رأينا الاقبال الواسع من الجمهور على الانخراط في حملة تنظيف البر التي اطلقها سمو الشيخ عبدالله بن زايد قبل عدة أشهر وكان الحال كذلك عندما اطلق مجموعة من الشباب حملة لتنظيف شارع شاطئ الجميرا بعد احتفالات العيد الوطني الاربعين مما يدل على رغبة الجمهور في الانخراط في الاعمال التطوعية التي تخدم المجتمع، وأنا (شخصيا)  على معرفة بمجموعة كبيرة من أفراد المجتمع التي تود المشاركة في الاعمال التطوعية من صميم قلبها ولوجه الله سبحانه ولكن (ما يدرون كيف يطوعون؟)

فمثلا يمكن لهذه الجهة (متى تم انشاؤها) التواصل مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وجعل مشاركة الطلاب في الاعمال التطوعية لعدد معين من الساعات جزء من منظومة النشاط المدرسي والجامعي ويتم مكافأة الطلاب عليه، كذلك يمكن لهذه الجهة التواصل مع هيئات الموارد البشرية بالدولة و العمل على اطلاق ما يعرف بإجازة تطوع حيث يتم منح الموظفين اجازة لعدد معين من الايام بالسنة بشرط ان تستثمر في العمل التطوعي، وهذا ما تقوم به مجموعة كبيرة من الشركات الاوروبية المتميزة في مجال المسؤولية المجتمعية كما رأيت بنفسي اثناء زيارات المقارنات المعيارية التي قمت بها.

نحن بحاجة أن تقوم مؤسسات الدولة المجتمعية مثل نور دبي ودبي العطاء والهلال الاحمر بالانتقال من التركيز على تلقي الهبات المادية فقط الى التركيز على اشراك جميع فئات المجتمع بشكل فعال في الانشطة والمبادرات التي يقومون بها، فيجب أن توجه اعلاناتهم ليس فقط على تلقي الاعانات المالية بل ايضا على فتح الباب لمن يرغب من الجمهور للمساهمة في تنفيذ الاعمال الخيرية والتطوعية فما المانع أن يسافر مجموعة من طلاب المدارس الى فلسطين للمساهمة في توزيع المعونات الغذائية وما المانع أن يسافر مجموعة من موظفي الحكومة الى أفريقيا لتعليم الاطفال وما المانع أن يقوم مجموعة من الشباب برعاية كبار السن في منازلهم وغيرها...

نحن بحاجة الى غرس وتفعيل مفهوم العمل التطوعي في المجتمع أسوة بالمجتمعات المتقدمة وتماشيا مع الآية الكريمة { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}  (المائدة: الآية48).






الخميس، 9 أغسطس 2012

انديتنا الرياضية والتميز


تصوروا مستشار قانوني في القرن الواحد والعشرين وفي عصر الربيع العربي يطالب بمعاقبة الصحفيين الذين يقومون بنشر اخبار مغلوطة عن (نادي كرة قدم).

هذا الخبر الذي نشر في جرائدنا المحلية الاسبوع الماضي دفعني لأن أعدل المقال الذي كنت قد بدأت في كتابته لهذا الاسبوع، فالموضوع يعد فعلا كارثة اذا كان مستشار قانوني في احدى انديتنا الكبرى في الدولة يتحدث بهذه الطريقة والذي ارجوا ان يكون فرديا وليس باسم مجلس ادارة النادي الذي يمثله.

فأنا لست كاتبا رياضيا وبصراحة قلما اتابع بطولاتنا المحلية والتي من أبسط احتكاك يسقط اللاعب على الأرض ويتم استدعاء الجهاز الطبي وتتوقف المباراة وأكاد أجزم ان أكثر أن طبيب الفريق المسكين يقوم بالجري أكثر من جميع اللاعبين، والسؤال هو  لم لا يحدث هذا في ابسط مباريات الدوريات الاوروبية فسقوط اللاعب ودخول الطبيب يعني في الغالب ان اللاعب سيتم تغييره حيث ان الاصابة تكون واقعية وشديدة وبشكل لا يستطيع معها تكملة المباراة.

ما دفعني للكتابة حول انديتنا الرياضية والكوادر التي تعمل بها هو احساسي انها سقطت من منظومة التطور الاداري بالدولة، فمؤسساتنا المحلية الحكومية تتبع ارقى انظمة التخطيط الاستراتيجي والتميز فتضع خطط استراتيجية تحقق النمو وتنوع في مصادر الدخل وتطور الخدمات والعمليات بشكل مستمر لرفع مستوى رضا المتعاملين وتتبع سياسات مالية صارمة للحد من هدر الاموال وبالتالي تحصد جوائز التفوق والتميز من جهات عالمية مرموقة جعلتنا في صدارة العديد من القطاعات فلماذا يغرد القطاع الرياضي خارج هذا السرب؟  ولماذا انديتنا محلك سر ولم نسمع في يوم ان أي منهم قد حصل على جائزة لتميزه وتفوقه على الرغم من الدعم المادي والمعنوي اللامحدود من قبل القيادة في الدولة.

فنموذج التميز الاوروبي مثلا الذي تقوم جميع مؤسساتنا المحلية والاتحادية تقريبا بتطبيقه ويتم تقييمها عليه من قبل الحكومات المحلية والاتحادية غائب تماما عن القطاع الرياضي ولم نسمع ان مظلة هذه الجوائز قد اتسعت لتشمل الاندية الرياضية التي تتبع الحكومة، بل الابسط اني لم أسمع أن ناد قد تمكن من الحصول على شهادة الايزو 9001 حتى الان على الرغم من أن المصبغة والمطعم الذي اتعامل معهما قد حصلا عليها.

فمن الواضح لأي متتبع للقطاع الرياضي غياب الخطة الاستراتيجية للأندية والمبنية على احتياجات المتعاملين ونتائج الاداء الداخلي كما ينص نموذج التميز والتي يتم من خلالها توضيح الاهداف الاستراتيجية والمبادرات التي ستقوم بتنفيذها للوصول اليها، فهل سمعتم ان ناد حدد أن يكون 10 من لاعبيه في المنتخبات الوطنية بحلول عام 2020 مثلا؟ وهل سمعتم أن ناد قرر ان يركز موارده المالية على لعبتين فقط بهدف ان يكون في الريادة قاريا بحلول عام 2020؟ وهل سمعتم أن ناد قرر أن يركز موارده المالية على قطاع الناشئين بحيث يكون المصدر الاساسي للاعبين المواطنين بحلول عام 2020؟ بل السؤال الابسط هل سمعتم عن ناد له رؤية ورسالة واهداف استراتيجية واضحة شأن جميع مؤسسات الدولة؟  

فأين التخطيط الاستراتيجي وكلما جاءت ادارة قامت بشطب كل المبادرات التي اتخذتها الادارة السابقة من المدرب الى اللاعبين وحتى (الشعار)، وأين التركيز على المتعاملين وما زال الجمهور المخلص يجلس على كراسي بالية ومغبرة ولا يجد حتى كوب ماء ليشربه او سندويشه يأكلها فضلا عن الحالة المأساوية للمرافق الصحية، وأين الالتزام بالسياسة المالية في ناد يضحك عليه سمسار ويدفعه  للتعاقد مع لاعبين (اجانب) بمبالغ خيالية ثم يكتشف عدم كفاءتهم فيقرر الاستغناء عنهم ودفع الشروط الجزائية الضخمة وأين تطوير المواطنين ولاعب (المنتخب) المواطن يجلس على كرسي الاحتياط بسبب شغل مركزه بأجنبي وأين وأين وأين......

يجب أن تقوم  الهيئة العامة للشباب والرياضة ومجالس الرياضة المحلية بوضع خطط استراتيجية لتحويل انديتنا الرياضية من مؤسسات تعمل بأساليب القرن الماضي الى  مؤسسات تعمل بأساليب علمية حديثة وعلى أعلى المستويات في مواكبة للتطور المؤسساتي في الدولة فمتى نجد ريال مدريد وبرشلونة محليين؟

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

كم جزءً حفظت؟


أبارك لكم هذه الايام المباركة لشهر رمضان المبارك سائلا الله تعالى ان يتقبل طاعاتكم وعباداتكم وأعود اليكم بعد فترة انقطاع بسبب الاجازة السنوية وضغوط العمل اليومية.  

تماشيا مع هذه الاجواء المباركة سأغير اسلوبي قليلا في هذا المقال حيث تدور في رأسي منذ سنوات فكرة أن اقوم بعمل دراسة حول الاسلام ونظم الجودة، فالله تعالى قال في كتابه الكريم (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فاذا كانت نظم الجودة مبنية على حقائق عقلية ومنطقية حول اتقان العمل وتحسينه بشكل مستمر وتقديم قيمة مضافة للمتعاملين فاحسب ان هذه الحقائق لم تكن غائبة عن الاسلام او عن نبيه (عليه الصلاة والسلام).

فقوله المشهور (ص) "أن الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه" يتماشى مع تعريف الجودة بتجاوز توقعات المتعاملين حيث ان الاتقان هو اداء العمل دون خلل أو تأخير مما يؤدي الى تجاوز تطلعات المتعاملين.

ويتوافق معه قول الامام علي بن أبي طالب (ع): "من تساوى يوماه فهو مغبون ومن كان امسه خيرا من يومه فهو ملعون ومن لم يكن في زيادة فهو في نقيصه ومن كان في نقيصه فالموت خير له من الحياة" والذي يتماشى مع النظم الحديثة للجودة والتي تعنى بالتحسين المستمر.

كذلك نلاحظ أن الاسلام في توجيهاته يتماشى مع مبدأ نظم الجودة المهم في التركيز على الجودة لا الكم (Quality not Quantity) فمثلا يؤثر عن النبي (ص) انه قام الليل كله بآية واحدة ويتماشى معه وقوله (ص):"اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار ولو بشربة ماء" فالمدار في تعاليم الاسلام هي الجودة وليس الكم فرب عبادة قليلة وفاعلة تعطي نتائج خير من عبادة كثيرة وغير فاعلة فشق تمرة يدفعها المسلم بصدق وخلاص نية قد تكون عند الله افضل من جبال.

وهذا المبدأ اصبح للأسف غائب تماما عن واقعنا كمسلمين في هذا الشهر الكريم فجل التركيز عندنا على الكم لا الكيف فمثلا (اذا حفظت ثلاثة اجزاء من القران بشتريلك هدية) هذه الجملة يستعملها معظم الاباء لكي يحفزوا ابناءهم على قراءة وحفظ القران الكريم في هذا الشهر ولكن كم واحد منا يقول لابنه (اذا حفظت ربع جزء تجويدا وتفسيرا بشتريلك هدية)؟ فكم من حافظ للقران الكريم ويختمه مرتين وثلاثة في هذا الشهر ولكنه يغتاب هذا ويأكل مال ذاك ويدخل في المعاملات الربوية فأين تطبيق ما يحفظه والامر كذلك في عمرة رمضان الذي اعرف احد الاشخاص لم يتركها منذ 15 عاما ولكن اخلاقه.....الله يهديه.

هذا من ناحية دينية واجتماعية والامر نفسه يمتد الى مؤسساتنا فمثلا كل مؤشرات الاداء التي تقاس بشكل دوري تركز على الكم (عدد) لا الجودة (عدد المواطنين، عدد الساعات التدريبية، عدد المعاملات المنجزة، عدد المبادرات المجتمعية، عدد المبادرات المنجزة....) أما تلك التي تركز على الجودة مثل (نسبة الخطأ في المعاملات المنجزة، العائد على الاستثمار، الانتاجية....) فنادرا ما يتم قياسها.

 والكثير من المؤسسات الحكومية تعتقد ان كثرة الشهادات والجوائز تؤثر على فرق التقييم للجوائز الحكومية فتضع في اولوياتها ان يخرج السيد المدير في الصحف كل فترة وهو يتلقى جائزة او يستلم شهادة حتى ولو لم يكن هناك منافسون اصلا او كانت طريقة الترشيح والتقييم (مصخرة). ولكن عند التقييم تتفاجأ ان هذه الجوائز والشهادات لا تؤخذ في الاعتبار وانها رغم حصولها على كم منها (طلعت في حفل التوزيع صفر)
خلاصة الكلام ان ديننا الاسلامي الحنيف منذ ما يزيد عن 1400 عام قد وضع لنا جميع السبل اتي تكفل تقدم الامة الاسلامية وريادتها على جميع الامم الاخرى (كنتم خير أمة اخرجت للناس) ومن ضمنها انظمة الجودة والتميز ولكن ابتعاد المسلمين عن الاخذ بهذه التعاليم هو ما اوصل هذه الامة الى ما هي عليه من جهل وتخلف وأن التركيز على عامل الجودة لا الكم هو حجر الزاوية  في تطوير حياتنا الدينية والاجتماعية والادارية فمتى نقول لأبنائنا (كم جزء فهمت؟) بدل (كم جزء حفظت؟).