الخميس، 28 يونيو 2012

قيادة التميز

حضر مديرو التميز في الجهات الاتحادية الاسبوع الماضي ورشة عمل حول المعايير المعدلة لجائزة الامارات للأداء الحكومي المتميز حيث اصبح التقديم لبعض الفئات اجباريا بعد أن كان اختياريا وتم استحداث فئة جديدة كما تم تعديل بعض المعايير الفرعية في الفئة الرئيسية لتتوافق مع المبادرات الاخرى التي يتبناها مكتب رئاسة مجلس الوزراء والتي تهدف الى التحسين والتطوير المستمر في اداء الوزارات والهيئات الاتحادية.

وكعادته في كل ورشة عمل كان لابد للسيد مستشار الجائزة ان يذكرهم بالنقطة إياها (ما في مستشارين والا تلغى المشاركة) ثم يلتفت يمينا ويسارا ويقول وابتسامة كبيرة على وجهه (ما في منهجيات تشترى في كتب).

 وبصراحة أنا اؤيده في تذكيره هذا فمجموعة من قيادات الجهات الحكومية تصر على البحث في كل دورة عمن يمكنه ازاحة هم تقديم تقارير الترشيح للجائزة عنها إما بالبحث عن (واحد فنان) يمكن اقناعه بالانضمام الى المؤسسة (بعقد خاص) و رمي حمل الجائزة والاعداد لها عليه أو البحث عن استشاري والتعاقد معه بمسميات مختلفة فتارة تحت مسمى التدريب واخرى الدعم والتوجيه وغيرها. المهم لدى فريق القيادة أن يغسل يديه من الموضوع برمته ويتم تقديم طلبات الترشيح للجائزة في الموعد المحدد (وفزنا او ما فزنا مو مشكلة) وعكست التقارير المقدمة حقيقة العمل في المؤسسة أو كانت في واد والمؤسسة في واد وكوبي بيست (بعد مو مشكلة، المهم قدمنا).

وتحصل الكارثة الكبرى لهذه الفئة من القيادات عندما يأتي فريق التقييم للزيارة الميدانية ويصر على الاجتماع بفريق القيادة ولا تنفع سوالف (عندهم اجتماع مهم) و(مسافرين) حيث تبدأ المعركة الكبرى ويبدأ فريق التقييم في رمي سهامه يمينا ويسارا بالاعتماد على طلبات الترشيح المقدمة وتأتي جمل مثل (ذكرتم تحت المعيار الخامس انكم تقومون بعمل كذا وكذا، ممكن نعرف مزيد من التفاصيل؟) ويبدأ فريق القيادة في التعرق ويتم مناداة الفراش لرفع درجة التكييف وتبدأ الاعين في الدوران والتلعثمات و(أشوف وين مكتوب هذا) وفي النهاية يفهم فريق التقييم أن فريق القيادة لم يضع اصبعا في كتابة طلب الترشيح. 

هذه الحالة عايشتها كثيرا في اثناء عملي كمقيم لمختلف الجهات الحكومية بالدولة في جوائز التميز المختلفة، فكيف تتوقع مؤسسة ان تفوز بالجوائز وفريق القيادة ليس لديه وقت حتى لقراءة تقرير الترشيح ووضع ملاحظاته عليه فضلا عن المشاركة في كتابته؟ وكيف تتوقع الفوز وفريق القيادة لا يريد المشاركة في عملية التقييم والاجابة عن الاسئلة؟ فالجهات المتميزة بالدولة تلاحظ بها المساهمة الفعالة والواضحة لفريق القيادة في ادارة ومتابعة مبادرات التحسين من جهة وعملية الترشيح والتقديم من جهة أخرى ولنا في الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد ال نهيان وفريق القيادة بوزارة الداخلية المثل الواضح.   

أن المعيار الاول من نموذج التميز يحدد القيادة كأحد الممكنات الرئيسية للتميز فيريد منها أن تضع الرؤية والرسالة والقيم المؤسسية تضع انظمة العمل وتتابعها وتحرص على الالتقاء بالمتعاملين والشركاء وشرائح المجتمع والموارد البشرية بشكل دوري ومباشر وتقود وتدير عمليات التغيير في المؤسسة بشكل ممنهج ومدروس، وهذا ما يتم تقييمه بشكل رئيسي مع فريق القيادة ولا يمكن لمقيم أن يتجاوزه كما لا يمكن لفريق القيادة أن يتنصل منه.     

المشكلة الثانية إن برامج التميز الحكومي بالدولة تركز في الملتقيات والندوات وورش العمل التي تقيمها على مديري التميز الحكومي في اعتقاد منها أنهم بوابة الوصول الى القيادة العليا وفي الواقع هم آخر من يمكنهم مقابلة اعضاء فرق القيادة وايصال مثل هذه الرسائل فغالبا عازف الحي لا يطرب.

ولذلك يطالب مدراء التميز المؤسسي في كل مناسبة أن تركز هذه البرامج اهتمامها على التواصل الفعال مع فرق القيادة بهدف ضمان مشاركتهم الفعالة من خلال عقد اجتماعات ميدانية مكثفة معهم لمتابعة عمليات التحسين والتطوير وتوفير برامج تدريبية مخصصة لهم مثلا ومتابعة مشاركتهم في عمليات التقييم والترشيح وجعل ذلك جزء رئيسي من مسؤولياتهم ومن مؤشرات الاداء التي يتم تقييمهم عليها.

المطلوب من برامج التميز أن تطور نفسها وتنتقل من التركيز على عملية التقييم والبحث عن المقيمين (وهاي الجائزة حق منو وهاي حق منو؟) الى التركيز على ضمان قيام قيادة المؤسسات بتبني عمليات التحسين والتطوير والمشاركة الفعالة في التطبيق، كذلك المطلوب منها توفير الدعم اللازم لمديري التميز المؤسسي للقيام بعملهم على أكمل وجه من خلال ربطهم بشكل مباشر مثلا بها بحيث يصبح مدير التميز ذراع البرنامج في المؤسسة ويستطيع الوصول الى فريق القيادة بشكل سلس وبالاعتماد على قوة البرنامج وأهميته.

هل يمكن أن يتحقق هذا يوما؟

ملاحظة: سأتوقف لمدة اسبوعين عن كتابة المقالات وذلك لسفري في اجازة سنوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق