الخميس، 14 يونيو 2012

من المهد الى اللحد

"الراعي الرسمي ليورو 2012" هكذا ينتهي إعلان شركة هايونداي الراعي الرسمي لبطولة كأس الأمم الأوروبية والتي ستسهر ثلاث أرباع الموظفين وأنا منهم حتى الساعات الأولى من الصباح لمتابعة هذه المباريات.

ما يثير الاستغراب هو تجرأ الشركة على منافسة الوحوش الأوروبية في مجال صناعة السيارات مثل مرسيدس وبي ام دبليو ورينو وفيات وغيرها في معقلها الأوروبي وتطلعها للحصول على حصة من هذا السوق وهذا نسق مجموعة كبيرة من الشركات الكورية مثل سامسونج وLG وسانج يونج وغيرها، فمن كان يتوقع قبل 10 سنوات وفي اوج ازدهار شركة نوكيا وسوني اريكسون وموتورولا أن تأتي شركة من الشرق الاقصى لتستحوذ على سوق أجهزة الهاتف الذكية ولتقف الند بالند لشركة أبل العملاقة واعني بها سامسونج.

السر حسب وجهة نظري الشخصية يكمن في نظام التعليم الكوري فمن خلال بحثي عن نظام التعليم الكوري لاحظت انه يركز على محوريين استراتيجيين، الاول هو التأكيد على تطوير المهارات المعلوماتية لجميع الكوريين بجانب الطلاب والمدرسين مثل كبار السن وربات البيوت اما الثاني فهو الاهتمام بالتعليم مدى الحياة أي بناء المجتمع التعليم المفتوح من خلال توفير التعليم الالكتروني لجميع شرائح المجتمع في المجالات التعليمية والصحية والثقافية وبالتعاون مع المؤسسات الاعلامية الكورية المختلفة.

وأود هنا أن أركز على المحور الثاني حيث أن هناك مشكلة في ثقافة التعلم المستمر لدينا نحن المواطنين، فالتعليم عندنا ينحصر في المدرسة والجامعة وبعد التخرج لا شيء ويتفرغ الواحد منا للعب الكورة وتدخين الشيشة والمغازلة ومقابلة طلبات البيت والغمز واللمز في الناس على الهاتف الساعات الطوال دون تخصيص ادنى وقت للقراءة وتطوير الذات وتعلم الجديد.

فحسب علمي ومتابعتي تشتكي العديد من الجهات الحكومية من ضعف دخول الموظفين على برامج التعليم الالكتروني والتي يتم توفيرها لهم لقاء دفع مبالغ مالية كبيرة للشركات المصممة لها، فنحن لا نصدق متى ينتهي الدوام لنتجمع على جهاز الختم ونهرب كي نلحق على الضرب بالخمس وبعدين غفوة القيلولة لمدة ساعتين!

مكتباتنا العامة كذلك فارغة وتصفر فالحكومة سعت في انشاء المكتبات العامة وتزويدها بأفضل المرجعيات والكتب والدوريات ولم تكتف بذلك بل حاولت الوصول الى المجتمع من خلال توفير فروع لها في الاحياء السكنية لنقرأ ونطور انفسنا لكن اذن من طين واخرى من عجين واقترح هنا أن تقوم المكتبات بفتح مقهى لتقديم الشيشة بها فربما يستقطبونا بهذه الطريقة.

 هل زار احدكم المقاهي الموجودة في المكتبات التجارية الكبرى في الدولة مثل كينوكونيا في دبي مول او مجرودي في سيتي سنتر ولاحظ نوعية وجنسية القارئين؟ أن هذه المقاهي في الدول الاوروبية تعد الاكثر ازدحاما وتجد بها الرجال والنساء والاطفال ومن مختلف فئات المجتمع، فما هو الحال عندنا؟ هل يعرف المواطنون اصلا توفر مثل هذه المقاهي في دبي مول ام أن ارماني كافيه هو الاكثر اثارة.

البرامج والمحاضرات التدريبية التي تقيمها بعض الجمعيات والجهات الخدمية في الدولة وبالمجان تثير شجوننا كمنظمين، ففي احيان كثيرة نقوم بجلب محاضرين على مستوى جيد ونطرح مواضيع تهم الموظفين واصحاب الاعمال في مجال الجودة والتميز لنتفاجأ أن معظم الحضور من الجاليات الاخرى التي تقيم بالدولة وأن عدد المواطنين لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة.

أن المؤسسات الاعلامية الكورية تلعب دورا محوريا في تعزيز ثقافة التعلم المستمر من خلال توفير البرامج الثقافية التي تعني بتطوير الذات ومحو الامية التكنولوجية عن طريق عمل برامج اذاعية وتلفزيونية هادفة ولكن مؤسساتنا الاعلامية مشغولة ببرامج السخافات الفنية والهشك بشك، فهل سمعتم يوما عن برنامج يركز على تعليم المهارات الحياتية مثل البرمجة اللغوية العصبية أو فن ادارة الوقت أو فنون الحوار والمناقشة والمفاوضة ؟ هل هناك أي برنامج لتعليم لغة برمجة برامج الايباد؟

أن نموذج التميز ينص بشكل صريح على أنا مدخلات التحسن والتطور المستمرين للفرد والمؤسسة لا تتجاوز عاملي القياس والتعلم ولقد حضنا نبينا الكريم (ص) على أن لا نتوقف عن التعلم ابدا في عصر كان التطور فيه بطيئا فما بالك بعصرنا الحديث الذي يعتبر التطور السريع من أبرز سماته، فمتى سنرى مواطن ينتظر دوره في دائرة حكومية ويقرأ كتاب؟ ومتى نرى مواطن يشيش ويقرأ كتاب ويطور مهاراته ومعارفه باستمرار؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق